النقلة الأولى
الشخص الذي يخبرني بأن الموسيقى لا تعني له شيئا يصبح، بالنسبة لي، انسانا مائعا فور قوله هذا ، فالموسيقى تحاكي ما هو حميمي في الانسان ... شخص لا يفهم "باخ" هو انسان مهدور بالضرورة – ايميل سيوران
المائع هو ذلك الأصم الذي يفتقد لكل ما هو حميمي ، وهو من لا يعرف ما الموسيقى ومن لا يفهم باخ .
ما هي الموسيقى؟ من و ما هو باخ؟ كيف تحمل الموسيقى معنى ما لشخص ما؟ ما الذي تعنيه الموسيقى؟ كيف يمكن لشخص أن يفهم باخ؟ ما الذي يمكن أن يعنيه كون الانسان مهدورا ؟
الموسيقى لا تعني لي شيئا ، هي شيء أحاول فهمه وأعجز ، الموسيقى ليس لها أي معنى ، لا وظيفة تؤديها الموسيقى ولا حيز تشغله في حقل المعنى.
فلننضم إلى الجموع المائعة الصماء المفرغة من كل ما هو حميمي .
الموسيقى : فيضان الجموع المائعة الصماء الجوفاء، تتخبط تائهة فتصدر أصواتا كذبذبات أمواج البحر.
بذات النفس ، ولكن بلسان مختلف ، مدح سيوران هتلر كما مدح باخ . الفن يسمح بالأمرين .
"لعبت الموسيقى دورا مهما في المجتمع النازي حيث تم استخدامها كأداة في يد البروباغاندا النازية ، فلقد كانت هناك منافسة _بل مزاحمة_ شديدة بين أوركسترات برلين و فينا الفيلهارمونية ، وقد يكون انضمام العديد من الموسيقيين للحزب النازي انذاك ليس سوى سعيا للتقدم في مهنتهم."
الفن يسمح بالأمرين
.
-----------------------------
النقلة الثانية
أطراف ملتوية / أذرع مشدودة / رقاب ممطوطة/أفواه مفتوحة / أفواه فارغة من الصرخات / حصان / أفواه/ أفواه / أفواه / عيون / نار / نار أحادية اللون / رمادي / أسود / أبيض / نار / خوف تجريدي / رعب تجريدي / ثور / ثور وامرأة تحمل طفلا ميتا/ امرأة تحمل رأسها وصرختها/ خوف/ رعب/ ورق جرائد / جرائد / أخبار / أخبار عاجلة / أخبار فورية / رعب فوري / حرب / غرنيكا .
"أنا أرسم الأشياء كما هي" يقول بيكاسو .
امرأة تحمل طفلا ميتا . "كانت البلدة مأهولة بأكثرية من النساء والأطفال"
حدث أن سأل أحد الضباط الألمان بيكاسو عندما كان يعيش في باريس ابان الاحتلال النازي لها ، عندما رأى صورة للوحة غرنيكا في شقته :- هل قمت أنت برسمها؟
أجاب بيكاسو : كلا ، أنت من قام بذلك .
اذا قمت بالبحث عن كلمة "غرنيكا" في محرك غوغل ، ستجد أن أول مقالتين تظهران هما عن لوحة بيكاسو أولا ، تليها البلدة المدمرة .
عندما أعيدت اللوحة إلى اسبانيا في سبتمبر 1981 تم عرضها خلف زجاجي مضاد للرصاص
لم تقدر أن تحمي البلدة ، فلتحم اللوحة .
"لأنه لم يكن مسموحا لأحد، أثناء الحكم الفاشي (1939-1975) أن يتكلم عن القصف والدمار الذي حل بغرنيكا ، فقد تم سلب الناجين فرصتهم في تجاوز ذكرياتهم الفظيعة والمؤلمة حول ما جرى "
"اليوم في ألمانيا ترتبط كلمة "غرنيكا" بلوحة بيكاسو الشهيرة أكثر من ارتباطها بالمدينة الاسبانية الصغيرة التي دمرها الألمان"
تم اذا سلب كلمة "غرنيكا"
الفن يسلب .
-----------------------------
-----------------------------
النقلة الثالثة
كنت أتصفح الفيسبوك (موقع اخر من مواقع الرعب الفوري) ، لأجد فيديو معنونا ب "عائلة تنجو من حريق بعد قفزها من النافذة" ، قمت بتشغيله ، ثم أوقفته فجأة لأتمعن في المبنى ، أخذت بلون المدخل ، لون أصفر شبه داكن ، رسمت :-
قمت برسم بضعة خطوط ، وكذلك برسم مثلث ، حاولت تقديم ألوان الدخان فنيا ، وحرصت أن يكون الأصفر شبه الداكن هو النجم البارز في هذا العرض .
صنعت من الموقف عملا فنيا ، ونسيت أن أتابع مشاهدة الفيديو حتى النهاية لأعرف ان كانت العائلة استطاعت النجاة ، أم لا .
الفن استغلالي
الفن يذكرك ، ويفقدك الذاكرة .
No comments:
Post a Comment